اهلا وسهلا بك

جار الزمان غير مكترث، وأي حر عليه الزمان لم يجر!

أبطال العكر يدحرون الاحتلال




رابعاً: حملتان دمويتان[28].
وهما حملتان وقعتا جميعاً كما ذكرنا في عهد حكم آل خليفة أيضاً، وتمت الحملتان على مرحلتين تقعان في النصف الأول من القرن الهجري الثالث عشر، وقد وقعتا بدقة في سنوات (1230هـ أو 1240 – وكذلك سنة 1244هـ) كما تشير إلى ذلك المصادر التاريخية، وكانت الحملتان في الغالب مواجهات قتالية دامية مع قوات آل خليفة مثل معركة " المقطع[29] "، وهو الفاصل البحري ما بين الساحل الشرقي لقرية العكر والساحل الغربي لجزيرة سترة، وكذلك معركة " قزقز " بالقرب من الجفير.
وقد أشار الأستاذ ناصر الخيري لبعض الحملات العمانية كحالات صراع ونفوذ على البحرين بين سلاطين عمان وبين البحرين وحكامها من آل خليفة، فأفاض الخيري في الحديث عن كثير من تفاصيل وقائعها، لكنه ببالغ الأسف لم يذكر شيئاً عن الجرائم ضد الشعب البحراني من قتل واعتداء على دور العلم ومؤسساته ومراكزه بالرغم من توافر مصادر كاللؤلؤة وأنوار البدرين وغيرهما توثق الجرائم حتى بعبارات مجملة معبرة.
***
أ- واقعة المقطع[30] سنة 1240هـ.
وسببها أن الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة حاكم البحرين أنف من دفع الإتاوة للسيد سعيد بن سلطان إمام عمان وسلطانها فكان هذا الامتناع مدخلاً لإعادة التوتر في العلاقات بين الطرفين وبخاصة أن ارحمة بن جابر الجلاهمة كان يشجع سلطان عمان على غزو البحرين انتقاماً من أغرامه آل خليفة، فجهز سعيد بن سلطان جيشاً جراراً إلى البحرين فوصلها صباحاً ودخل مضيق القليعة واحتل جزيرة سترة وقتل وأسر حاميتها، ثم أعيدت مطالب دفع الإتارة وتكرر الرفض في المفاوضات، فجرت معارك ضارية بين الغزاة وقوات آل خليفة المنتشرة في البحر وبين أشجار النخيل وفق خطة مرسومة مسبقاً، وانتهت المعركة التي عرفت بوقعة " المقطع.. مقطع العكر" بهزيمة مريرة للعمانيين وفرارهم إلى بلادهم وهم ينوون الثأر من آل خليفة والعشائر المتحالفة معهم.
وغالباً ما يؤرخ المؤرخون لهذه الواقعة في مصادرهم بسنة ((1230هـ)) كما في التحفة النبهانية[31] وغيرها، ولكن الأستاذ ناصر الخيري انفرد برأي آخر تبدو عليه الوجاهة، حيث اعتمد فيه على مضمون قصيدة لأحد شعراء آل خليفة، ونقل في كتابه " قلائد النحرين " خمسة أبيات من قصيدة للشيخ محمد بن الشيخ عيسى آل خليفة قد أرَّخ فيها البيت الخامس من القصيدة لواقعة المقطع[32] المشهورة.
والأبيات التي نقلها الخيري عن الشيخ محمد بن الشيخ عيسى آل خليفة هي:
ومناهل العليا قديم وحاضر
وأيامنا مشهورة في عدونا
وسل عن مزايانا أوال وسوحها
تصوَّر مناعير على سيف سترة
ترى ذاك عام الأربعين وقبلها
.. الخ
لنا الفخر في عربان مصر وشامها
فسل كل أرض يخبرونك أنامها
وحوت البحر ماذا تصور طعامها
ضحى الكون فاخت هامها من أعظامها
ألف وخُمْس الألف هاذاك عامها
والبيت الأخير من القصيدة المتقدمة – كما يقول ناصر الخيري – شاهد على وقوع الواقعة في سنة 1240هـ. ولا عبرة بمن جعلها في سنة 1230هـ كما في التحفة النبهانية[33] وعقد اللآل للشيخ التاجر وغيرهما من الباحثين والمهتمين بدراسة تاريخ البحرين.
***