اهلا وسهلا بك

جار الزمان غير مكترث، وأي حر عليه الزمان لم يجر!

المسيلات الرمضانية


المسيلات الرمضانية

image
لكنما أتى رمضان المسيل للدموع! ومن منا لم تسل دموعه في شهر رمضان؟ يالمسيلات الدموع الرمضانية. فجزى الله خيرا الخفافيش التي أسالت دموعنا وخنقت أصواتنا وكتمت أنفاسنا ورجرجت دقات قلوبنا وخضخضت أبداننا فلها الشكر والمنة. فهلا تستنشقون معي عطر رمضان المسيل للدموع؟


ولاعجب فكثرة البكاء تلين القلب، فمنّا من يبكي دونما معرفة للسبب، أو لتوافه الامور، بل ومازال الكثيرون مستمرون في ذلك حين تذكرهم لتلك الايام الجميلة. ولذا أكاد أجزم أنّ قط جارنا يبكي في شهر رمضان أعظم من بني البشر، فحواسه مضاعفة وأرواحه السبعة هالكة، ففضلات الأكل أضحت كالصحاري بعدما كانت كالغابات. فياترى ماذا سيكون حاله في يوم العيد؟
لا أدعي معرفة لفلسفة الدموع، إلا أن دموعي هذا العام معطرة بالعطر الرمضاني، وها أنا ذا في المواقف الأليمة محاولا الحد من فيضان دموعي ، وخفقان قلبي، فتنفجر العينان كالتسونامي ، حتى تغدوان كالطماطة البحرينية الحمراء الداكن لونها.
ولطالما كتمت مشاعري، فالبحريني عموما يخال البكاء ضعفا، حينما يعبّر عن مشاعره المكبوتة داخل تابوته، وكثير منا رمى مفتاح الافصاح في تابوت البؤس، فمنذ التسعينات كتمت الحزن في تابوتي.
دموعي تسيل دونما بكاء هذه المرة! فلقد جفتا كعين العكر التي غاض ماؤها وأصبح مرا علقما. لا أخفيكم سرا فالدعاء والصيام والصلاة تطهر القلوب، فتمطر الدموع كمثل الامطار الحمضية التي هطلت على البحرين جراء العدوان العراقي على الكويت. ولكنما عيناي أعظم من ذلك، فأنا أشعر بأن روحي تتطهر تطهيرا وللابد!
ينسل صامتا ويبغي تفطيري تفطيرا! يحسب أنه ينفذ قول النبي عليه وآله الصلاة والسلام (من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشّهر كان له بذلك عند اللّه عتق نسمة و مغفرة لما مضى من ذنوبه). ولكنه لم يكمل فهم الخطبة (يارسول الله ما يبكيك؟ فقال: ياعلي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر.
إنها تسيل، بل وتنكمشان كأنما الزئبق فيها يكحلها ولكن كما المثل الشهير (يريد يكحلها عماها ). فتصبحان نضاختان بل كمرج البحرين يلتقيان. فأختنق وتضيق أنفاسي وتنكمش رئتاي، وتنطفآن من لهيب الجمر فيها، ويشتعل جبيني، ويسيل العرق، وتتزلزل خفقات قلبي، كأنني في اولمبياد لندن الذي سنطلق في يوليو إلى 12 أغسطس 2012 ، كأني أخترق الصفوف، وقلبي يستغيث توقف مهلا قبل أن أنفجر، وأجيبه أن أنا توقفت هالك لامحالة في هذا الموقع، فسحب العطر الرمضاني كضباب لندن تغزو أنفي كعاصفة الصحراء تخترق الجيوب الانفية فتنفجر الانهار من عيني وتسيلان.
لطالما تلوت القرآن، وفي هذا الشهر المبارك ازدادت بحة صوتي وحشرجته، فمن يعرفني ويستمع لي اليوم فلابد ان يبكي لجماله صوتي المبحوح، فرئتاي كالبالونة المثقوبة.
أبكي من رائحة عطرا رمضاني نفاث، لا من تخشع التلاوة ولا حسن الانصات لها، أو لزيادة العبادة ( لا يعذب المصلين و السّاجدين و أن لا يروّعهم بالنار يوم يقوم الناس لربّ العالمين).
لكنما أتى رمضان المسيل للدموع! ومن منا لم تسل دموعه في شهر رمضان؟ يالمسيلات الدموع الرمضانية.
فجزى الله خيرا الخفافيش التي أسالت دموعنا وخنقت أصواتنا وكتمت أنفاسنا ورجرجت دقات قلوبنا وخضخضت أبداننا فلها الشكر والمنة. فهلا تستنشقون معي عطر رمضان المسيل للدموع؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق