اهلا وسهلا بك

جار الزمان غير مكترث، وأي حر عليه الزمان لم يجر!

فن الخطابة…الجزء الأول

هناك عدة أنواع من الخطابات تختلف فيما بينها طبقاً لموضوع وغرض كل خطاب, فهناك الخطاب التعليمي ويندرج تحته الخطاب الشفوي, محاضرة, ورشة عمل, أو أي خطاب صمم بقصد الشرح, الإرشاد, التفسير, أو البرهنة على مسألة ما.
وهناك الخطاب المقنع وله عدة صور مثل المناظرات, الترويج لسلعة ما وعروض البيع, الوعظ الديني وهذا النوع يجب أن يكون مقنع, مؤثر, محفز.
وهناك الخطاب الإرتجالي وهو الذي يلقى في مناسبة ما بدون تخطيط أو أستعداد من الخطيب, وهذا النوع من الخطابات يجب أن يكون ملقيه متمتع بثقة كبيرة في قدراته بالإضافة إلى سرعة البديهة والإلمام بالمهارات التخطيطية المختلفة.
يتكون الخطاب من ثلاثة أجزاء رئيسية: المقدمة – الجزء الرئيسي – الخاتمة
المقدمة
ومن خلالها يتم جذب انتباه الجمهور ومساعدتهم على الإلمام بأفكار الخطاب الرئيسية, بالإضافة إلى إعدادهم نفسياً لتلقي باقي تفاصيل الخطاب. ولجذب انتباه الجمهور هناك خمسة طرق قد تأتي أنت بأكثر منها, فجميع الناس تنجذب إلى حوار ما حينما يسمعون: 
    -السؤال المنمق: وهو نوع من الأسئلة ليس الهدف منه الحصول على إجابة معينة, وإنما يثار بغية لفت الانتباه وتسخير تفكير المستمع وجعله ينساب في مسار واحد نحو موضوع معين, فحينما تقول مثلاً في بداية الخطاب ” أليس الله بأحكم الحاكمين؟” فالجميع سينتبه حينها ويدفعهم الفضول إلى معرفة المغزى من وراء هذا السؤال وهذا هو المطلوب “أن ينتبهوا”.
   قصة: ويجب أن تكون مختصرة وقصيرة لكن في الوقت نفسه يجب أن تحتوي على مقدمة وصراع ونهاية, فكل شخص يريد أن يسمع قصه جيدة بشرط أن تكون مؤثرة, والقصص قد تكون واقعية أو من نسيج الخيال, وقد تكون وقعت في الماضي أو في الحاضر.
-    عبارة مثيرة للانتباه والهدف منها هو رسم الدهشة على وجوه المستمعين كأن تقول مثلاً ” إني أكره الحق” ويمكنك بعد ذلك أثناء الخطاب توضح لهم المغزى من هذه العبارة كأن تقول لهم مثلاً الموت حق وأنا أكره الموت إذاً فأنا “أكره الحق”
-    إحصائية ملفته للانتباه: ويجب أن تكون الإحصائية صادمة وغير متوقعه, كما يجب أن تكون لها علاقة بموضع الخطاب. من ناحية أخرى يجب أن تكون مأخوذة عن مصدر موثوق ومن جهة مسئولة.
-    نكته أو دعابة: ويجب أن تكون النكتة لها علاقة بموضوع الخطاب وذلك تحسباً بأن لا تعجب النكتة المستمعين ففي هذه الحالة الشيء الوحيد الذي يشفع لك ويحميك من الخجل هو كون النكتة لها علاقة بموضوع الخطاب.
ما ذكرناه سابقاً هي العناصر التي بها يتم جذب الانتباه بعد ذلك يأتي باقي أجزاء المقدمة وفيها يجب أن توضح المغزى من خطابك فعليك أن توضح للجمهور لماذا عليهم الإنصات إليك, حفزهم وضح لهم أن خطابك له علاقة مباشرة بظروفهم الحياتية وواقعهم المعيشي. كما يجب أن يتوفر فيها المصداقية, والمصداقية هي أن توضح للجمهور لماذا أنت مؤهل لإلقاء هذا الخطاب, هل أخذت دورات تدريبية في موضوع الخطاب, هل حضرت ندوات أو ورش عمل هل علمت بحث عن موضوع الخطاب.
الأفكار
يجب أن تكون أفكار متسلسلة تسلسل منطقياً, ويجب عليك أن تنتقل بين الفكرة والتي تليها بطريقة مقنعة ومؤثرة, وهناك نوعان من الانتقال, الانتقال الداخلي ويستخدم بين الكلمات والجمل وذلك لتوضح للجمهور العلاقة بين فكرتين أو أكثر, والانتقال الخارجي ويوضح للجمهور أن نقطة معينة قد انتهت وأن الأخرى في سبيلها إلى البزوغ.
الجزء الرئيسي من الخطاب: 
بعد المقدمة يأتي الجزء الرئيسي من الخطاب ويتكون عادة من 3 إلى 5 نقاط رئيسية وكل نقطة من هذا النقاط الرئيسية يندرج تحتها نقطة فرعية أو أكثر وتسمى النقاط الفرعية النقاط الداعمة. وهناك عدة أنواع من النقاط الداعمة هي كالتالي:
-    شهادة: وهي عبارة عن رأي شاهد عيان أو خبير حول مسألة ما, وغالباً ما يكون هذا الخبير شخص مؤهل وعليك أن تذكر مؤهلاته أمام المستمعين, كما يجب أن تذكر أسمه علناً فعلى سبيل المثال ” ذكرت شارون ميلان في كتابها علاج قصور الكلام, أن ألفاظ الحشو التي تضاف للحديث حينما تغيب الفكرة مثل (إممممممم) يمكن التغلب عليها ببساطة من خلال التوقف  عن الحديث لحين تذكر الفكرة”.
-    التماثل الجزئي: وهو عبارة عن مقارنة بين نقطيتين مختلفتين توضح الالتقاء فيما بينهما (مثال: الحاسب الآلي مثل العقل البشري, فكلاهما يقوم بمعالجة وتحليل المعلومات).
-    الإحصاء وهي حقائق رقمية تعمل بصورة جيدة خاصة إذا تم شرحها وتحليلها بشكل جيد, لكن يجب الانتباه عند استخدام الإحصاء, فمن المهم معرفة مصدر ومدى موثوقية البيانات, فكثير من الإحصاءات يتأثر سلباً طبقاً للميزانية المرصودة لهم, ولكي تتأكد من مدى موثوقية الإحصاء عليك بتقييم الجهة المنقذة له والغرض من تنفيذه.
-    الأمثلة: تضرب الأمثله للتوضيح والشرح وقد تكون الأمثلة واقعية أو خيالية.
-    التعريفات: ويتم الحصول عليها من مصادر مختلفة مثل المعاجم, كتب التاريخ, كتب أصول اللغة, التعريفات الحكومية وأيضاً تعريفات المعارضة.
الخاتمة
وهي الآلية التي يتجه بها حديثك إلى النهاية, وهي أيضاً الداعم الأساسي لأفكارك الرئيسية, وبها تفصح للجمهور عما تريده منهم, ومن خلالها يتشكل التصور الأخير لخطابك, وتتكون الخاتمة من المراجعة والبيان الختامي
-    المراجعة: وهي عبارة عن عملية إعادة سرد النقاط الرئيسية لخطابك
-    البيان الختامي: يجب أن يترك تصور نهائي لدى الجمهور وينتقل بأفكارك إلى النهاية.
الخاتمة المؤثرة: 
هناك عدة طرق لإنهاء الخطاب بصورة مؤثرة كما بدأناه بصورة مؤثرة ويمكن تحقيق ذلك بإتباع إحدى الطرق التالية:
-    استخدام قول مأثور قوي من أفضل الطرق لإنهاء الخطاب, أيضاً آية قرآنية أو حديث نبوي صحيح.
-    يمكنك أيضاً في الخاتمة ذكر نهاية قصة قد بدأتها في مقدمة الخطاب.
-    البيان الختامي يجب أن يكون قوي لغوياً ويقال جملة واحدة وبأسلوب صريح ومباشر.
-    النداء: يمكن أن يتضمن خطابك نداء منك للجمهور لإصدار سلوك معين أو الامتناع عن إصدار سلوك معين, وهذا النداء يجب أن يكون واضح بلا تورية أو غموض أو رمزية, كما يجب متمتعاً بالمصداقية فكما وجهت نداء للجمهور لإصدار سلوك عين عليك أن توضح لهم أيضاً أنك فرضت على نفسك إصدار سلوك مماثل.
اللغة
لغة الخطاب يجب أن تكون واضحة ومحددة ومختصرة, كما يجب الابتعاد عن الكلمات الصعبة أو اللغة السوقية أو الكلمات الغربية على مسامع الناس, يفضل استخدام الكلمات التي تتكرر على مسامع الناس كل يوم بلا تكلف أو إسفاف. ليس هذا فحسب هناك العديد من الأدوات اللغوية التي يجب على الخطيب الإلمام بها منها:
-    التصوير: أستخدم صورة فعالة لكي تجعل جمهورك يشعر ويرى ما تقول. (مثال: ضفة النهر كانت شديدة الانحدار, عانيت كثيراً لكي أحافظ على توازني, وأخيراً استخدمت إصبع قدمي الكبير كمرساة حينما كنت أغرسه بشدة في الطمي)
-    التشخيص: استخدام الضمائر الشخصية مثل (أنا, أنت, هي, هم, نحن). أيضاً يفضل استخدام أسماء بعض أفراد الجمهور المعروفين.
-    الرمزية: يمكنك استخدام الرمزية للإشارة إلى حدث واضح, على سبيل المثال “دراكولا” يرمز إلى الاستبداد والاستغلال.
-    المقارنة والتعارض: في كثير من الأحيان يزيد فهمنا لشيء ما بتوضيح نقيضه, فمثلاً يمكننا فهم الحكمة بتقديم موقف ينطوي على تصرف أحمق.
-    التجريدية: الخطباء المبتدئين عليهم استخدام لغة غير مبهمة وثرية بالوصف والابتعاد عن اللغة التجريدية الخشنة أو الثقيلة على السمع.
-    الترادف: الكلمات لها مرادفات كثيرة في المعجم, والعديد من الكلمات لها مرادفات تعبيرية وعاطفية والتي لا توجد في المعاجم كأن أطلق عبارة “جلمود صخر” لأصف شخص سريع وقوي مثل الحصان.
-    التكرار: حينما تكرر عبارة معينة أكثر من مرة فإن المستمعين يدركون على الفور الفكرة الرئيسية من وراء هذه العبارة.
-    الاستعارة: وهي إضفاء صفة الحياة على الجامدات والأشياء المجردة كأن أقول ” الحيطان لها أذان”
-    الترافق: حينما نذكر النواة فيرد في الذهن كلمة الذرة لأن النواة من مكونتها.
تحليل المستمعين
تحليل العوامل السلوكية والديموغرافية للمستمعين:
لا تفعل مثل الخطيب الذي خطب خطبة بعنوان “غض البصر” أمام مجموعة من الشباب المكفوفين, ولا تفعل مثل الخطيب الذي تحدث عن “أدأب الجماع” في خطبة الجمعة في مسجد يمتلئ بالأطفال والنساء, يجب تحديد مدى ملائمة موضوع الخطاب وما ينطوي عليه من معلومات للمراحل العمرية والجنسية للمستمعين, كما يجب أيضاً عدم إغفال المعتقدات والمستوى الاجتماعي والعادات والتقاليد والاتجاه السياسي لهم.
أيضاً على الخطيب الجيد أن يتوقع مسبقاً رأي المستمعين فيما يقوله, هل سيتفقون معه أم سيختلفون أم سيبقون على الحياد. فالمواضيع التي تتكلم فيها مع الرجال تختلف عن المواضيع التي تتكلم فيها حينما يكون جمهورك مكون من نساء ورجال وأطفال.
موضوع الخطاب
حدد الهدف من الخطاب, ما الذي تريد إيصاله للمستمعين, هل تريد تحفيزهم, هل تريد تنفيرهم من عادة سيئة, هل تريد تدعيم قيم سلوكية معينة فيهم. كن مبدعاً, استخدم طريقة العصف الذهني بمعمل خريطة من المفاهيم لتوليد عدد كبير من الأفكار وبعدها يأتي دور البحث والتحليل. 
العصف الذهني 
هي عملية توليد عدة أفكار من فكرة بسيطة, فمثلاً تريد أن تلقي خطاب عن الأزمة الأخيرة التي حدثت بين مصر والجزائر, فأولاً أكتب الفكرة الرئيسية وليكن مثلاً ” الأزمة بين مصر والجزائر” ومن هذه الفكرة تريد أن تكتب العديد من الأفكار ولكي تقوم بذلك عليك أن تكتب الأفكار التي ترد في ذهنك بدون تحليل أو تفكير, فعملية التحليل ستأتي لاحقاً لكن عليك الآن فقط أن تدون كل ما يرد في ذهنك من أفكار حول هذه القضية, وإليك الأفكار التي كتبتها أنا حول هذا الموضوع ويمكنك أن تأتي أنت بأفضل منها.
-    سبب الأزمة
-    نوع الأزمة
-    الروابط التاريخية بين البلدين
-    دور الصحافة في الأزمة
-    مصلحة الإعلام من اشتعال الأزمة
-    المعارضون والمؤيدون لهذه الأزمة
-    مميزات الشعب المصري
-    مميزات الشعب الجزائري
-    موقف العالم من الأزمة
-    موقف رجال الدين من الأزمة
-    موقف الساسة من الأزمة
-    اقتراحات للحل والمصالحة
-    الأرضية المشتركة
-    الروابط المشتركة
-    المواقف التاريخية والتي لا تنسى من الجانبين
-    دور الشباب والمثقفين في حل الأزمة
كما ترى أصبح لدينا العديد من الأفكار, وليس شرطاً أن تستخدم كل هذه الأفكار لكن سيكون عندك ثراء كافي من المعلومات يمكنك التحرك من خلاله. أيضاً يمكن توليد أفكار فرعية أخرى من الأفكار السابقة فمثلاً لو اخترنا الفكرة الثالثة كمثال ” الروابط التاريخية بين البلدين” يمكن أن نولد منها أفكار أخرى كثيرة مثل ” الروابط الدينية, الروابط الثقافية, الروابط السياسية, الروابط الاقتصادية, الروابط الثقافية, الخ”, أيضاً يمكن توليد أفكار فرعية من هذه الأفكار الفرعية وهكذا حتى يتوفر لك كمية لا بأس بها من الأفكار, فعملية العصف الذهني أشبه بانفجار قنبلة ذرية فأثناء الانفجار تنقسم النواة باستمرار و على هيئة متوالية هندسية.
نوع عملية بحثك وطورها بحيث تبدأ من البسيط إلى الأصعب, فمثلاً ابدأ بالإنترنت, ثم وسائل الإعلام المطبوعة مثل الجرائد, القصص, المراجع, القواميس, الموسوعات, المجلات, الكتيبات. بعد ذلك يمكن البحث في الوسائل الإلكترونية مثل قواعد البيانات, شبكات الحاسوب, الفيديو, البرامج التليفزيونية, الكاسيت, والبرامج الإذاعية.
بعد ذلك انتقل إلى المرحلة التالية وهي محاولة إيجاد نص خطابات ألقيت في نفس الموضوع أو لها علاقة بموضوع خطابك ويمكنك الحصول على ذلك من خلال النت والصحف والكتب. وإليك بعض مواقع الويب المفيدة والتي تمكنك من الحصول على معلومات حول موضوع معين:
-    lii.org   موقع موثوق تم تجربته من قبل باحثين مشهورين.
-    Britannica.com  يحتوي على النص الكامل للموسوعة البريطانية
-    Biblimania.com يمكنك من قراءة أكثر من 2000 عبارة وقول مأثور
-    ويكبيديا الموسوعة الحرة
-     موقع إسلام ويب
-     مواقع الجرائد الكبرى والشهيرة مثل الشرق الأوسط, والأهرام, والوشنطن بوست
-     موقع مكتبة الإسكندرية.
ملحوظة: عند استخدام الإنترنت كوسيلة بحث يجب ألا تعتمد على النتائج التي تظهر في المنتديات بل يجب أن تأخذ المعلومة من موقع مسئول عما يكتب فيه, فمثلاً لا تأخذ حديث شريف على أنه ثقة بمجرد قراءتك له في إحدى المدونات أو المنتديات, فالحديث يأخذ من المواقع المتخصصة في ذلك مثل موقع إسلام ويب أو موقع الأزهر الشريف.
ولا تنسى أن تدون الآتي أثناء عملية البحث: 
-    اسم المؤلف, عنوان الكتاب أو المجلة أو المقال, تاريخ وجهة النشر.
-    نص القول المأثور واسم قائله
-    ذكر مصدرك في خطابك سيزيد  من مصداقيتك كخطيب
ترجمة بتصرف وتقديم: حسن محمد
دورة تدريبية من تنفيذ: عبد العثمان
العمل الأصلي من تأليف: شارون ميلان  
Sharon Milan, quickstudy.com.

0 التعليقات:

إرسال تعليق